محمد علي عبدالواحد مغربي

أديب الحجاز

السيرة الذاتية

المولد والنشأة

ولد في مدينة جدة سنة 1333ه ، وتلقى تعليمه الأولي في مدارسها، ثم ‏التحق بمدرسة الفلاح، وتخرج منها‏، وقضى حياته كلها في المملكة بين ‏الصحافة وتأليف الكتب في ‏الأدب والتاريخ ‏الاجتماعي، ثم التفرغ للتجارة، وظل المجتمع والثقافة والاقتصاد، تشغل ذهنه، ودارت معظم كتاباته حولها، منذ ‏أن ‏أسس جريدة البلاد عام 1930م، ثم تولى رئاسة تحرير جريدة صوت الحجاز عام 1941م، لمدة 49 يومًا، وتقلد منصب رئيس ‏مجلس إدارة مصحف ‏مكة المكرمة، إلا أنه تفرغ بعدها للعمل التجاري ‏مؤسسًا شركة تحمل اسمه، وكان ‏لعمله الصحفي إسهام في الأنشطة ‏السياسية والاجتماعية والثقافية في ذلك الوقت وكان عضو المجلس ‏التأسيسي لنادي جدة الأدبي عام 1395 هـ الموافق ‏‏1975‏م، وكانت له كتابات ‏في ‏مجلة المنهل .‏

التميز والأسلوب

تميز مغربي، بالكتابة في اتجاهين الأول هو التاريخ ‏الحجازي، ‏والذي تمثل في كتابته لسير وتراجم الحجاز، ثم تأريخه لملامح الحياة ‏الاجتماعية فيه، حيث ‏رصد في كتابين ما يتعلق بالحجاز في القرن ‏الرابع عشر الهجري، ثم أرخ ‏لملامحه قبل الإسلام في كتاب آخر أما ‏القسم الثاني، فكان تأريخًا إسلاميًا وانقسم هذا ‏إلى السيرة النبوية، للنبي ‏محمد صلى الله عليه وسلم، ‏في ‏مجلد تجاوزت ‏صفحاته 754 صفحةً ثم تراجم الخلفاء الراشدين ‏رضي الله عنهم أجمعين وأصدر في ذلك سلسلة خاصة ‏بأعلام ‏الصحابة، صدرت عام ‏‏1403هـ (1982م)، ثم كتب عن تاريخ ‏الدولة الأموية، وقد حاول -وفقًا ‏لتقرير عنه ‏في المجلة العربية- أن يربط بين تاريخين سواء التاريخ ‏الإسلامي في ‏بداياته الأولى، أو التاريخ المعاصر، بفكرة ‏يستلهم منها النهضة ‏والإيمان ‏بالإنسان، وأن يوازن بين ‏مرحلتين ‏من عصرين ‏بعيدين تاريخيًا، وأن يربط بينهما بمسألة إلهام وتحقيق النهضة ‏الثانية ‏في عصره .‏مصنفاته

ألف محمد علي مغربي، في أكثر من مجال؛ ففي المجال الأدبي الفكري ألف رواية ‏البعث عام 1944م، ‏وطبعت معها قصص أخرى هي الكنز، والرجل النكد ‏الطبع، وبقرة ‏الشريف ‏عون، ومقامة العروسين.‏ وفي قصة البعث كان بطلها ‏أسامة ‏الزاهر ‏وهو شخصية خيالية، ‏سافر من الحجاز إلى الهند للاستشفاء ‏من ‏مرض ألم ‏به، بعد أن تعذرت عليه وسائل ‏الشفاء في بلده، والرواية ‏خيالية ‏محضة، ‏استعرضت أفكار النهضة الصناعية والعلمية، في حلم ‏الشاب الحجازي، ‏والتباين بين الحياة في المملكة والهند.‏ كما كتب “لعنة هذا الزمن – الشيوعية” عام 1968م، وحبات من عنقود- ‏أوراق متناثرة عام 1986م، ورباعيات عام 1987م، والقصيدة النبوية عام ‏‏1995م أما في المجال التاريخي والإسلامي فقد ألف “ملامح الحياة الاجتماعية في ‏الحجاز في القرن الرابع عشر الهجري” عام 1982م، أعلام الصحابة 1982-‏‏1994م، والإسلام في شعر شوقي 1984م، وأعلام الحجاز في القرن الرابع عشر ‏للهجرة، في أربع مجلدات، 1984 – 1990م، ولمحات من تاريخ الحجاز قبل ‏الإسلام 1993م، وتاريخ الدولة الأموية 1989م، ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم ‏الأنبياء والمرسلين 1996م.‏ ومن الإنتاج الشعري له قصيدة ‏بعنوان “وكنا نرجي الجيش للقدس”، من إصدارات دارة ‏المنهل ‏للصحافة ‏والنشر، وقصيدة أخرى هي “رسالة والد”.‏

المغربي شاعرًا

في مجال الشعر كانت للمغربي قصائده الفائقة الرائقة، وقد وصفه “معجم البابطين لشعراء العربية” بأنه نظم الشعر ‏ونوّع في ‏القوافي، والبناء، كما عمل على الحفاظ على الوحدة ‏الموضوعية للقصيدة، إضافة ‏إلى أنه تخلص من المقدمات التقليدية كما ‏نظم مغربي الرباعيات التي تتسم بطرافة ‏موضوعاتها، وبعض قصائده ‏تعكس صورة لأحداث عصره العربية، له قصيدة ‏بعنوان: «رسالة والد» ‏يخاطب فيها ابنته، ويعبر عن افتقاده لها، وتُظهر ‏نزعته ‏الوجدانية، والقصيدة تفيض بروح الأبوة والحب. لغته سلسة، ‏ومعانيه واضحة، ‏ قال فيها:‏

يا ابْنتي يا سنا الشعاع ,,,,,,,من الحسـنِ بريئاً كالرّحمة البيضاءِ‎‎

‎‎كيف يقوى على فراقك قلبي,,, ‎‎كيف أرضى البعاد بعد اللقاء

مكانته بين أدباء عصره

 أفردت المجلة العربية صفحاتها للحديث عن محمد علي مغربي المؤرخ ‏والأديب، والتي قالت إنه زاحم الريادة الروائية لكل من ‏عبدالقدوس ‏الأنصاري وأحمد السباعي، وأظهر اهتماماً كبيراً بتطور ‏الأدب السعودي في تنظيراته وتأملاته، ‏متبعاً محمد حسن عواد وعزيز ‏ضياء، إضافة إلى تمكنه من التأليف في التاريخ ‏الاجتماعي مثل أحمد ‏السباعي ومحمد حسين زيدان.‏ وتعد كتابات مغربي وفقاً للمجلة، نموذجاً ‏عن ‏عصره، وإن لوحظ أن معظم كتاباته حملت الطابع الموسوعي، ‏وأسلوب ‏النقل مع إغفال الفرز، وغلب في كتاباته التدوين على التحليل، ‏إلا أن ذلك كان ديدن عصره.‏‏ ونجح مغربي في الجمع بين عمله في ‏التجارة، والاشتغال بالأدب والعلم ‏والتاريخ ‏والشعر ‏والكتابة البحثية ‏والدراسات الإنسانية والنقدية والأدبية وانصب اهتمام مغربي على الثقافة الحجازية كما وصفته المجلة العربية ‏في تقرير عنه نشرته يوم 08 /05 / 2016 بأنه مؤرخ ‏الثقافة الحجازية، لا ‏يهتم إلا بها ‏واستخدم مغربي الأدب سرداً أو شعراً، وفن المقالة بأنواعها ‏المختلفة كالانطباعية ‏أو الوصفية أو التحليلية لكتابة تاريخ الحجاز سواء ‏في عصره المزدهر، العصر ‏الإسلامي أو القرن الرابع عشر الهجري ‏العصر الذي عاش فيه مغربي 

أديب رائد

 يرى المؤرخ فاروق صالح باسلامة وهو من أولئك القلائل الذين ترجموا ورصدوا سيرة المؤرخ محمد علي مغربي، أن مغربي كان أديباً رائداً في تميز وطرح أفكاره، وكذلك في إنتاجه المتنوع، فهو يكتب الشعر، والمقالة النثرية إضافة إلى اجتهاده الواضح في البحث ‏التاريخي والدراسات العامة.‏ وكتب مغربي كذلك رباعيات شعرية في صحيفة ‏‏”المدينة” في الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي، سجل فيها أحداثًا سياسية ‏كبرى، وملامح الحركة الاجتماعية في المملكة، وكان له دور متميز في رصد ذلك ‏كله وقد صدرت هذه الرباعيات في مجموعة مطبوعة عام 1415هـ، (1994م)، ‏وأثبت مغربي أنه لا يقل عن كبار الكتاب، في نظم الشعر وخاصة شعر ‏الرباعيات، مثل محمد العامودي وأحمد قنديل ومحمد حسن فقي، المعروفان بكتابة ‏الرباعيات بدرجة كبيرة من الروح العالية والحكمة البليغة، والأسلوب الرشيق.‏ كما أن هناك شعراً آخر نظمه مغربي، هو “القصيدة النبوية”، دون ‏فيها نظماً لسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، من ميلاده حتى وفاته.

وفي هذه القصيدة، نجد أن محمد علي مغربي الشاعر، نظمها بدافع ديني وأسلوب ‏غلفته الروحانية، والموضوعية، حيث تناول حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، ‏ونشرها بواسطة “دار العلم”، التابعة لجريدة “المدينة” عام 1416هـ (1995م)، ‏كما كتب بحثاً عن “الإسلام في شعر شوقي”، والمقصود هنا الشاعر أحمد شوقي، ‏قدمه لأول مرة في مؤتمر الأدباء السعوديين الأول عام 1394هـ (1974م)، والذي ‏نظمته جامعة الملك عبدالعزيز، حينما كان مديرها الدكتور محمد عبده يماني -رحمه الله- وعقد بمكة المكرمة. ورصد هذا البحث الدراسي شعر أحمد شوقي ‏الإسلامي وخاصة في المدح النبوي، والبحث طويل أصدره مغربي في كتيب عام ‏‏1404هـ (1984م)، وبذلك يكون إبداع المغربي تمثل أدباً ونثراً وشعراً وبحثاً ‏تاريخياً.

أعلام الحجاز

في تأريخه للحجاز، رصد محمد علي مغربي، أعلامه في كتاب “أعلام الحجاز” ‏‏(‏1984 – 1990م)، وهو يضم سيرًا موضوعية لحياة بعض الأعلام الحجازيين، ممن ‏عاشوا وتوفوا في القرن الرابع عشر الهجري، الموافق للقرن العشرين ‏الميلادي. ‏وكتب مغربي تراجم هؤلاء الأعلام عن معرفة وقرب منهم، ممن شهدت لهم ‏أعمالهم وعلومهم وآدابهم الدينية بالتميز والشموخ، ملتزمين بالحفاظ على ‏التراث ‏العربي الإسلامي وآدابه وعلومه وآثاره وتاريخه. كان معظم هؤلاء من رجالات ‏الحجاز، ‏وقليل من نجد والجنوب، من نخبتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وكان من ضمن من ترجم لهم الشيخ أحمد الزهراء، وأحمد صالح قنديل، والحاج زينل علي رضا، ‏والشيخ ‏ضياء الدين حمزة رجب، وسليمان أمان قابل، والدكتور محمد خالد ‏خاشقجي، ‏ومحمد سرور الصبان، والشيخ محمد صالح أبو زنادة، والشيخ محمد ‏صالح ‏جمجوم، والشيخ محمد ماجد كردي، والشيخ عبدالرؤوف الصبان، وحسين ‏عبدالله ‏باسلامة، وحمزة شحاتة، وعبدالسلام طاهر الساسي، وعبدالقدوس ‏الأنصاري، ‏وأحمد سباعي، الشيخ جعفر البيتي، والشيخ عبدالرحمن بن عبدالله ‏سراج، والسيد ‏أحمد الفيض آبادي، والشيخ عبدالله غازي المكي، ومحمد سعيد ‏العامودي، محمد ‏صالح عبدالرحمن قزاز، وغيرهم‏، ولا شك أن هؤلاء كانوا من أعيان المجتمع الحجازي وقد حرص مغربي أن ينوّع في تراجمه بين العلماء والمسؤولين والتجار والشعراء ورجال الفكر والثقافة والأدب، وقد احتوى الكتاب على حوالي ‏‏60 ‏شخصية حجازية في 4 أجزاء وما يقارب 1400 صفحة، ما كشف عن علم ‏المؤرخ والراصد محمد علي مغربي ودقة ملاحظته، لا سيما وأنه عاصر وتعايش مع معظم هذه الأسماء من الذين ترجم لهم ورصد مراحل حياتهم ولذا فقد كتب مصنفه أعلام الحجاز معتمداً في أغلب التأليف على ‏الذاكرة.‏

أسس الاختيار

أوضح مغربي في مقدمة كتاب أعلام الحجاز أنه ترجم لمن عاصرهم وانتقلوا إلى ‏جوار ربهم، وأغلب هؤلاء الرجال ممن اتصلت أسبابه بأسبابهم فعرفهم ‏عن قرب وخبر من أمورهم ما قد يخفى على كثير من شباب الأمة ‏ورجالها ولم يزعم مغربي أن هؤلاء الرجال قد سلموا ‏من الشوائب أو تبرؤوا من النقص فهم بشر كسائر الناس، ولكنه رأى ‏أن صفات الخير قد غلبت عليهم وأنهم تغلبوا على الأنانية فوهبوا من ‏أنفسهم وأموالهم وأوقاتهم للناس ما يجعلهم مثلاً يحتذى وحديثاً يتردد، فهم ‏من الصفوة التي تتخذ قدوة للناس لمن يرغب السير في طريق الخير ‏والنفع العام وذكر أن ما كتبه هو تسجيل لذكرياته عنهم، فلم يكن ذيع ‏الصيت هو المعيار لديه عن الشخصية، فقد يكون كذلك إلا أن شهرته لا ‏تتصل بخدمة الناس، وقد تكون الشهرة بالطغيان وظلم الناس، فليست ‏الشهرة هي المعيار عنده. ولم يشأ محمد علي مغربي أن يصنف كتابه أعلام الحجاز في ‏باب ‏التاريخ بل صنفه في ‏باب ‏الذكريات،‏ كما قال فاروق باسلامة، ويرى أن ذلك من باب التواضع الأدبي من ‏المؤلف، لأن ما طرحه في كتابه هو ذخيرة تاريخية وسيرة ‏أناس حافلة بالعمل، إضافة إلى الإنتاج الأدبي ‏والعملي الذي حفل به الكتاب، تكَوّن الكتاب من 4 أجزاء، كل ‏جزء منه احتوى ‏على 350 صفحة تقريبًا، وضم كل جزء من الكتاب تراجم للأعلام وخلفية تاريخية وعلمية عن المترجم له.

مصادر الكتاب ‏

 رجع صاحب كتاب أعلام الحجاز لمصادر ومراجع ‏كثيرة ‏وعديدة منها الكتب والمؤلفات والصحف ‏والمجلات، مثل “تاريخ ‏مكة” ‏لأحمد السباعي، و”تاريخ موسوعة مدينة جدة” ‏لعبد القدوس الأنصاري، وملخص ‏كتاب ‏أحمد محمد الحضراوي عن كل ‏من مدينتي الطائف وجدة، وكتاب “إفادة ‏الأنام ‏بأخبار البلد الحرام”، ‏وكتاب “خلاصة الكلام بأمراء البلد الحرام: للسيد أحمد ‏زيني ‏دحلان، ‏وكتاب “الأعلام” لخير الدين الزركلي و”تاريخ عمارة المسجد ‏الحرام” ‏للشيخ ‏حسين عبدالله باسلامة، و”التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم” ‏لمحمد طاهر ‏الكردي . ويعد الكتاب بما ضمه من علم ومعلومات وأدب وآداب، ‏مصدراً ‏ومرجعاً لكل من ‏أراد أن يعرف تاريخ الحجاز الذي ‏يغطي مكة المكرمة ‏والمدينة المنورة وجدة ‏والطائف وينبع، وعدداً من المدن الحجازية، أما عن التراجم فقد أقر مغربي‏ أن أعلام ‏الحجاز الذين يستحقون رصد وتدوين مراحل حياتهم، أكثر من أولئك الذين ضمنهم كتابه لكنه اعتذر لهم بأدب جم حين عزا وقوفه عند هذا العدد بكثرة الأعيان والأسماء التي تستحق الترجمة، إلا أنه ‏اجتهد وبذل جهوده لجمع ورصد ما يتيسر له من أخبارهم وما يذكره من أيامهم مستشهداً بمآثرهم وموروثهم العلمي والمادي، حتى لقد وُصف -مغربي- بأنه كان ‏متوخياً ‏صدق الرواية، والبعد عن الشكوك، حريصاً على إظهار المحاسن، ‏متجاوزاً النقص الذي ‏لا يخلو منه بنو البشر.‏

شح المصادر ‏عن المغربي

 لوحظ عند إعداد هذه الترجمة للمؤرخ الأديب محمد علي مغربي قلة ‏المصادر، وشحها عنه، فلم نجد أحداً ترجم له، وفي ذلك غرابة، فالرجل الذي حمل مهمة الترجمة لأعلام الحجاز وغيرهم، وغاص ‏في تفاصيل حياتهم وذكَّر بمناقبهم هم وغيرهم، لم يجد أحداً يؤرخ لحياته، ‏ولا يكتب عنه منصفًا، إلا مقالات قليلة هنا أو هناك تتحدث عن أسلوبه ‏الأدبي أو طريقته في التأريخ. لقد اعتبر المغربي الترجمة لأعلام الحجاز ‏كالواجب الذي فرضه حق هؤلاء الأعلام عليه بالتعريف بهم خاصة للأجيال التي لم تعاصرهم، ولم تسمع عنهم. وكما جاء في مقدمة الكتاب، حيث وصفهم بأنهم تغلبوا على ‏الأنانية، ووهبوا أنفسهم وأموالهم وأوقاتهم للناس، ما ‏يجعلهم مثلاً ‏يحتذى، وحديثاً يروى ويتردد، فهم من الصفوة. إلا أن أحداً لم يقم بالترجمة له، مثلما ‏قام هو تجاه الآخرين، غير ما وصل إلينا من مقالات نقدية لفاروق صالح باسلامة، عن ‏منهجه في الكتابة، وتقرير آخر نشرته إحدى المجلات، ومعلومات ‏شحيحة في موقع معجم البابطين لشعراء العربية. كما لم نجد ذكراً لعمله ‏بالتجارة، ولا لأسرته وذريته، إلا أخبارًا حديثة عن ابنته أميمة بنت ‏محمد علي مغربي، نائب رئيس الجمعية الفيصلية النسائية بجدة، ورئيسة ‏مركز جدة للتوحد كما لم يُرو شيءٌعن وفاته -رحمه الله-، وذكر فقط تاريخها، وأنه ‏لحق بربه في جدة.‏

رشاقة الأسلوب وغزارة المعلومة

 تميز المغربي برشاقة الأسلوب في كتاباته بما فيها تأريخه للأعلام، فلم ‏يكتفِ مثل الآخرين بمعلومات ضئيلة، وسطور قصيرة عَمن أرّخ لهم، ‏بل أسهب في وصف الشخصية حتى من ناحية الشكل والملامح والهيئة، ‏والملابس، حتى يتخيل القارئ أنه يشاهد هؤلاء الأشخاص أمامه، كما تحدث عن حياة المترجم له وتصرفاته، وسلوكياته مع الآخرين، وذكر ‏الطرائف والمواقف الخفيفة، وحتى بعض ملامح الحياة الاقتصادية والاجتماعية في ذلك الوقت، وجعل ‏كل ذلك الكتابَ بالفعل مرغوباً سواء للباحثين أو لغيرهم ممن يرغب في ‏التعرف، ليس فقط على المترجم لهم، بل على ظروف وأحداث وقعت في ‏تلك الأيام، وتبرز شخصية مغربي المؤرخ متبنياً الأصالة في رؤيته التاريخية ‏لا للأحداث ‏فحسب، بل للسيرة ‏والأماكن والأعلام والمجتمعات البشرية والسكانية، والحياة ‏الإنسانية بمجملها تأثرت شخصية ‏مغربي المؤرخ بمغربي الأديب، وهذه ميزة ‏تحققت للمغربي وأمثاله وتبنت نظرة المؤرخ ‏الأديب ‏المغربي للتاريخ العربي ‏الإسلامي وجهة النظر المنصفة، الباحثة والمصدقة، وهذه الرؤية ‏من الأصول ‏لرجال التاريخ في كل عصر، ‏وهذا ما فعله في التاريخ المعاصر خير ‏الدين ‏الزركلي وعمر رضا كحالة وحسن ‏إبراهيم حسن، وأحمد شلبي، وسواهم، أو في ‏التاريخ ‏القديم أمثال ابن اسحاق وابن هشام ‏والطبري وابن كثير وابن الجوزي وابن ‏خلدون ‏وغيرهم.‏

كتاب ملامح الحياة الاجتماعية

ألف مغربي كتاب “لمحات من تاريخ الحجاز قبل الإسلام” ضمنه ما ‏وصل إليه ‏من الأحداث التاريخية في هذا البلد، وما كشفت عنه النصوص ‏التاريخية الضاربة ‏في القدم، وصدر هذا الكتاب عام 1414هـ (1993م). وصور الكتاب الحياة ‏الاجتماعية خلال النصف الثاني من القرن الرابع عشر ‏للهجرة، حيث تناول الأسر ‏والعادات والتقاليد في المدن ‏الحجازية، وسبل التعليم وطرق الطب ومهن التجارة ‏والصنائع والفنون وما تعرف عليه الناس من الأطعمة والأشربة وفن ‏الغناء ‏والطرب وفنون الرياضة والألعاب الشعبية في الحجاز وفصَّل مغربي كل ذلك ‏بأسلوب راقٍ، وأمثلة وافية ‏وحسن تناول، لتلك الملامح في الحجاز وبالذات في مكة ‏المكرمة والمدينة المنورة وجدة التي عاش فيها.‏ ونجح الكتاب في رسم صورة ‏شاملة للمجتمع السعودي في جدة في ذلك القرن الهجري الرابع عشر.‏

وفاته

بعد عقود وسنوات طويلة من التدوين والتأليف في السير والتراجم ورصد للحياة الاجتماعية التي عاصرها وتعايش مع أحداثها حيث نقل مغربي الأفراح والأتراح والعادات والتقاليد ودون الأحداث والأخبار الطارئة والمستجدة في زمانه ما جعل القارئ يعيش معه أيامه التي عاصرها ويقف على مراحل التنمية والبناء لا سيما في مدن الحجاز بعد الثورة الصناعية والاستقرار الأمني طيلة النصف الثاني من القرن الرابع عشر، وبعد هذه الحياة الحافلة بالمنتجات الأدبية والتاريخية والحضور الإعلامي المميز، توفي المؤرخ والأديب محمد علي مغربي في اليوم الرابع والعشرين من شهر جمادى الثانية عام 1417هـ، الموافق لعام1996م في مدينة جدة، وخلف وراءه، علماً ‏نافعاً وأدباً رفيعاً وثقافة واسعة، رحمه الله رحمة واسعة.

المصدر

منصورالعساف /جريدة الرياض /  الجمعة 13 ربيع الأول 1439هـ – 1 ديسمبر 2017م – 10 برج القوس  (بتصرف )

كن أول من يترك تقييم إلى “محمد علي عبدالواحد مغربي”