سعود بن عبدالعزيز الحجام

السيرة الذاتية

هو سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيزالحجام

من رجالات المدينة ووجهائها الذين أدركتهم  , عرفته بأناقته وحسن هندامه , كان رجلاَ طوالاً مهيباً  , حلو الحديث حسن المعشر , لم أسمعه يوماً ذم أحداً قط .

مولد ه وأسرته

ولد رحمه الله في المدينة المنورة سنة 1356هـ.

وأسرة الحجام من أسر المدينة الشهيرة , وهي صغيرة العدد كبيرة في الفضل طائية النسب من ديار أجا وسلمى , والتي هي منازل قبيلة طي الكبرى الشهيرة المنتشرة في الشام والعراق ونجد والحجاز، وفيما بين العراق والحجاز، ومنها الإمارة في العراق ، ولها صولة عظيمة وهي ذات بطون كثيرة  وكانت في طر يق الحاج بين العراق ونجد .

اقول : ومن بطون طي بنو غزية  بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وفتح الياء المثناة التحتية المشددة , وهو: غزية بن أفلت بن ثُعل بن عمرو بن عنيز بن سلامان بن ثُعل بن عمرو ابن الغوث بن طي  ؛ وينقسم بنو غزية إلى أصلين :            هما : البطنان، وأجود- بفتح الهمزة وسكون الجيم.

ومن فخوذ الأجود آل حميد الذين منهم الطوقية الذين يرجع لهم بنو الحجام , ويقال لهم حجام العرب وهم من غزية من طي .

واول من انتقل منهم إلى المدينة جد المترجم له  محمد بن عبد العزيز بن حجام قدم من حائل إلى المدينة المنورة سنة 1326هـ مع ضاري الرشيد ,  وكان من رجاله المقربين , ومعه أبنه عبدالعزيز وابنته هيا وعاش محمد الحجام حتى قبل قيام الثورة العربية الكبرى , وتوفي في المدينة.

                           الشيخ عبدالعزيز بن محمد الحجام

                                        الفارس الشجاع 

ولد عبدالعزيز في حائل سنة 1305هـ , وتعلم مبادىء العلوم , ثم تعلم الرماية وركوب الخيل , حتى أصبح فارساً بين قومه , يعاون والده في حامية حائل مع أميرها ابن رشيد , ثم أنتقل الى المدينة المنورة مع والده وأخته وكان عمره  21عاماً , وبعد وفاة والده أصبح عبدالعزيز والذي أتصف بصفات الشجاعة والتي ورثها عن والده , فحل محل والده في معية ضاري إبن رشيد حتى توفي ضاري سنة 1340 هـ , عاش عبدالعزيز الحجام فترة سقوط الدولة العثمانية , وبدا قيام الثورة العربية الكبرى , وكان من عدة حاميات والتي كانت تتبع الشريف الحسين بالمدينة المنورة وينبع , وعندما بدأت المناوشات بين حكومة الأشراف وإبن سعود أسندت , إليه  حامية قلعة شمال ينبع .

الحجام ودوره في تسليم ينبع

استمرت المناوشات بين الأشراف ورجال إبن سعود في جميع نواحي الحجاز , كانت المدينة المنورة من أكثر المدن محاصرة , ففي شمال المدينة النشمي ورجاله يحاصرون المدينة , وفي جنوبها الدويش حتى أستسلمت المدينة , وأستعدت المدينة للتسليم بعد أن حمل مصطفى عبدالعال خطاب أهل المدينة وتوجه به إلى بحره , وعلى أثر ذلك اجتمع قائمقام ينبع السيد مصطفى الخطيب مع الحاميات واتفق على تسليم ينبع دون قتال , فقرر الشريف شاكر بن زيد  مغادرة ينبع عندما علم اجتماع الاهالي وقرارهم بتسليم ينبع إلى الجيش السعودي , فقرر الخطيب أن يبعث خطاباً, فأسند الأمر إلى إبن حجام بأن يحمل خطاب التسليم إلى سعود الكبير , وقال له ما نصه: ((يسلم عليك حاكم ينبع وسيخرج إليك من يفاوضك على التسليم )) وكانت ينبع محاصرة  بالكامل مما اضطر إبن حجام للتسلل من البرابيخ وهي فتحات السور وذهب إلى الاخوان , وبالفعل عاد إبن حجام بالمساء ومعه رجل يدعى عبدالرحمن بن سعيد , وتسلل به إيضاً من البرابيخ بعيدا عن التشويش على الأهالي,ودخل به إلى دار الشيخ أحمد أبو طالب أحد أعيان ينبع وتم التفاوض معه من قبل السيد مصطفى الخطيب , واتفقوا على التسليم بضمان الأهالي وأمان أموالهم وتوقفت الحاميات ؛ وفي يوم 21جمادى الاولى 1344هـ سلمت ينبع وأصبحت تحت الحكم السعودي .

بعد ذلك أتصل الحجام بمحمد بن عبدالعزيز آل سعود , وقد عرف عنه أخلاصه وشجاعته في حماية الأهالي والبلاد , فأصبح من المقربين له وهو أحد الرجال الذين أعتمد عليهم داخل المدينة , وعندما سلمت المدينة إلى محمد بن عبد العزيز آل سعود, كان الحجام من مرافقيه واسند إليه حامية المدينة , خوفاً من أي اعتبارات , حتى أستقر الامر بالمدينة المنورة .

 عاش الحجام في المدينة وعرف بين أهلها بشجاعته ودفاعه عنهم وقضاء حوائجهم  فكان بيته الكبير والذي بني من الحجر في مدخل التاجوري مفتوحاً لاستقبال الناس لما لهم من  حوائج ليقوم هو بقضاءها  بتوجيه ودعم محمد بن عبد العزيز أمير المدينة , وعلى يد أميرها المكلف عبد الله السديري آنذاك.

 تزوج عبد العزيز الحجام من بنات الشيخ سليمان الأطرم من أهالي القصيم الثلاث تباعاً , وولدن له ذريته عبد الله وله ذرية ، محمد وله ذرية منهم أخينا الفاضل صاحب الخلق والهمة عبدالعزيز ، وفاطمة تزوجت من الشيخ عمر بن موسى العامودي رحمه الله والد صديقنا أسامة بيننا وبينة صحبة ومحبة  ، وسعود(المترجم له) وكان مثناث ، وخديجة تزوجت من الشيخ عبدالله بن أحمد  الحجي من أهالي الكويت ، وبندر وله ذرية وهو كبير البيت ووجيههم اليوم وعميدهم وبيننا وبينه محبة ومودة , عرف بسيرته الطيبة , وعلاقاته الاجتماعية وسعيه في قضايا إصلاح ذات البين , وقد استفدت منه كثيراً في ترجمة أسرة الحجام حفظه الله ومتعنا بحياته ، ونزيهة تزوجت من الشيخ عياش المحمدي والد صديقنا الحبيب باسم , رحم الله من سبق منهم إلى جوار ربه وحفظ وعافا من بقي منهم .

توفي الشيخ عبد العزيز الحجام بالمدينة ودفن في البقيع  سنة 1370هـ.

نواصل الحديث عن علمنا المترجم له:

نشأته وتعليمه

نشأ الأستاذ سعود وتربى في حارة التاجوري , وعندما وصل سن التعليم إلتحق بمدرسة النجاح وتخرج فيها , ثم واصل تعليمه فحصل على دورة إعداد معلمي التربية الرياضية في الطائف , حفظ القرآن الكريم كاملاً في منتصف عمره ولا تغيب صورته من ذاكرتي حينما كنت اراه في كل يوم يجلس في المسجد النبوي الشريف في خوخة الصديق بالقرب من حلقات علماء التحفيظ ويجلس أمامه أحد طلبة التحفيظ يراجع له ما تم حفظه .

حياته العملية

عاد الحجام إلى المدينة وعمل في بداية حياته في التعليم مدرساً للتربية الرياضية آنذاك ، ثم مفتشاً (مشرفا تربويا ) للتربية الرياضية في التعليم .

انتقل بعد ذلك من قطاع التعليم إلى مصلحة العين الزرقاء التي سميت فيما بعد بمصلحة المياه بمنطقة المدينة المنورة , وتدرج فيها موظفاً إلى أن عين مديراً لها بالنيابة من 27/ 4/ 1396هـ إلى 17/ 5/ 1398هـ  , ثم أحيل للتقاعد.

 عرفت الأستاذ سعود في بواكير عمري وارتبطت بيني وبينه علاقة حميمة , فلم يبخل يوماً من توجيهي لرفع أدائي في الكتابة  , وكان يخصص لي وقتاً ليراجع لي بعض مقالتي ويصححها لي , فكان رحمه الله  ممن وضع لمساته وبصماته في طريقي الأدبي , كان  محباً للقراءة , فاذا زرته في منزله وجدت الكتاب رفيقه في مكان جلوسه , واذا التقيته في خارج المنزل تحدث عن الأدب والتاريخ , كان صاحب قلم مميز , إذا كتب فأسلوبه سلس خالي من التعقيد وعباراته جزيلة المعاني,  كتب المقالات العديدة في عدة صحف كالمينة المنورة والبلاد في زاوية خاصة بعنوان ( من وحي القلم ) ومن إبداعاته مقالاته عن حارة التاجوري , والتي أرخ فيها لأهل المدينة ورجالاتها ومواقفهم وهي تعد من أفضل ما كتب عن الحياة الأجتماعية في المدينة المنورة في تلك الحقبة , وقد حدثني أنه بصدد إصدار كتاب يحمل عنوان (( حارة التاجوري)) وقد ذودني بكامل تلك المقالات , إلا ان مرضه حال دون ذلك , وغيبه الموت عن نشرها .

والأستاذ سعود شخصية اجتماعية مدنية تجدها في المحافل الرسميىة , مشاركاً بآرائه السديدة وفي مقدمة أهل المدينة ممن كانوا  يسعون إلى خدمة المدينة وقضاء حوائجها , وقد كان بيته محط حاجة المحتاج وعون المأزوم , وهو عضو فعال في كثير من الجمعيات كجمعية البر , وجمعية أصدقاء المرضى.

منتدى الحجام الأدبي

كان الأستاذ الحجام عضواً في النادي الأدبي الثقافي , وقد عقد في بيته ندوة أسبوعية في منزله يناقش فيها المواضيع الدينيه ويطرح المسائل الفقهية للدراسة والتشاور في الأحكام الصحيحة , والأمور الثقافية , وقد حضرت  ذلك المجلس الأدبي عدة مرات وأستفدت منه كثيراً , لا سيما فيمن يرتاده من الوجهاء والأدباء والأعيان كالأستاذ عبدالعزيز ساب , والشيخ محمد الخربوش , والأستاذ عباس عبدالجواد , والأستاذ نوري حسن , والأستاذ الأديب على الحسون رئيس تحرير جريدة البلاد , وغيرهم من اولي العلم والفضل .

عاش الأستاذ الحجام حياته من بين حسه الأدبي الكبير , وروحه التي تسعى جاهدة لخدمة المدينة المنورة وأهلها , وقلبه الذي يحمل الخير لكل من عرفه , وفي أخر حياته أعتله المرض عدة سنوات حتى أذنت ساعة الموت ولقى ربه ففاضت روحه إلى بارئها في يوم الخميس22/11/1438هـ , رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.

المصدر

ترجمة خاصة بموقع صفحات مشرقة مرسلة من نسابة المدينة الشريف أنس بن يعقوب الكتبي من كتابه أعلام المدنيين  .

كن أول من يترك تقييم إلى “سعود بن عبدالعزيز الحجام”