الشيخ عبدالرحمن يوسف الافريقي
السيرة الذاتية
ولادته ونشاته:
ولد رحمه الله عام 1326هـ في بلاد مالي من قارة إفريقيا الغربية، بقرية تسمى (فَفَا) من أبوين كريمين أنجبا من الأولاد الكثير من الذكور والإناث لم يعش منهم غير المترجم له وأخوه الأكبر، وكان أبوه من بيت الإمارة والحكم الذي لم يزل حتى اليوم يتداوله آله. ونشأ في تلك الربوع مع أترابه يستنشق هواء الصحراء، ويمتع ناظريه بالفضاء الواسع الذي لا يردهما إلا النهر الذي جعل القرية جزيرة. وكانت هذه الفترة فترة بؤس وبلاء على أهل تلك الديار؛ لأن المستعمر الفرنسي قد قبض بكلتا يديه على هذه البلاد، وانقض عليها انقضاض الأسد على الفريسة, بعد أن جرت بينه وبين الأهالي العزل من السلاح حروب انتهت باستعماره البلاد والعباد، وفرض سلطته عليهم قهراً شأن غيرها من البلاد التي اقتسمها الأوربيون من الانجليز والبلجيكيين والبرتغاليين والألمان.
وصوله إلى الحرمين الشريفين
ولقد نفّذ خطته فعلاً، ووصل إلى مكة عام 1345 هـ وأدى فريضة حجه، وعندما وصل إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم اتصل بعالم جليل من أبناء جنسه وعشيرته يدعى الشيخ سعيد بن صديق, وكان يشتغل بالتدريس في المسجد النبوي، واشتهر بالعلم والإخلاص والصدق والتواضع، والكرم واللطف والنبل – ووصفه الأستاذ محمد بن سعيد دفتدار عندما ترجم له بقوله: “ولد عام 1310هـ وتوفي عام 1353هـ، وتخرج في العلم علي يدي الشيخ ألفا هاشم، وتربى في كفالته ولد في بلاد فلانة في بلدة قابيور فجدّ في طلب العلم من الشيخ ألفا حتى نال حظاً وافراً من العلم ..”, إلى أن قال: “وفي الحرب العالمية الأولى ظل بالمدينة المنورة صابراً على لأوائها، ولما توفي الشيخ ألفا هاشم عام 1349هـ أخذ الشيخ سعيد مكانه وتصدى للتدريس في الفقه والحديث النبوي والتوحيد السلفي. وفي العهد السعودي اتصل بالشيخ عبد الله بن بلهيد فلما تحقق من فضله وعلمه.
شيوخه وتلاميذه:
لقد لازم الشيخ رحمه الله علماء أفذاذاً في المسجد النبوي وبدار الحديث، منهم:
– الشيخ سعيد بن صديق،
– الشيخ ألفا هاشم،
– العلامة المصلح السلفي
– اللغوي محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري، شيخ شيوخ المدينة وعلمائها وأدبائها في أوساط هذا القرن والمتوفى عام 1363 هـ.
صفاتـه وأخـلاقه:
كان في منتهى الذكاء واللباقة, شجاعاً في الحق صبوراً على الأذى في سبيل الله، حكيماً في أحاديثه أديباً في مجلسه، لطيفاً في أسلوبه، سهلاً في تعليمه ومعاملته، مشجعاً للمجدين من طلابه في ألفاظ يرسلها كأنها سهام تنفذ إلى القلوب، يؤدب في شفقة وبشاشة وإيناس، ضليعاً في علم الحديث ومصطلحه, داعية لطلابه إلى اعتناق منهج الانطلاق الفكري في البحوث المقيدة بميزان الشريعة. رجاعاً إلى الحق، مثيراً طلابه على ملازمة الطاعة والعبادة، عزيزاً في نفسه، ويغرس بذور العزة والكرامة في نفوسهم.
حياته العملية:
– عين مدرساً في مدرسة دار الحديث التي اسسها العلامة الشيخ أحمد بن محمد الدهلوي رحمه الله بالمدينة عام 1350هـ
– درس بالمسجد النبوي، وفي مدرسة دار الحديث المدنية، وفي ينبع النخل حينما اختاره جلالة الملك عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – ليقوم بها داعية متجولاً في جميع قراها عام 1364هـ.
– في أواخر عام 1370هـ اختاره جلالة الملك عبد العزيز ليكون ضمن المدرسين في المعهد العلمي بالرياض، ثم بكلية الشريعة فكان يمكث بالرياض مدة الدراسة ويقضي عطلة الصيف بالمدينة المنورة ليشرف على أعمال دار الحديث
– عضوا في هيئة الأمر بالمعروف،
مؤلفاته:
– الأنوار الرحمانية
– جواب الأفريقي، وهي رسالة لطيفة بلغت صفحاتها ستين صفحة، أجاب فيها على سبع عشرة مسألة, وردت إليه من بلاد مليبار عام 1366هـ
– توضيح الحج والعمرة، كما جاء بالكتاب والسنة. وقد بلغت صفحاته 120 صفحة فرغ من تأليفه ليلة الثلاثاء من شهر صفر عام 1367هـ.
– ولفضيلته رحمه الله مجموعة من الفتاوى لم تطبع ومسودات لبعض المذكرات في الحديث والمصطلح ألقاها على طلابه في المعهد العلمي وفي كلية الشريعة بالرياض.
وفاته:
توفي رحمه الله تعالى في ليلة الثلاثاء الموافق 28/3/1377هـ بعد أن انتابته أمراض كثيرة لم تكن سبباً لتوقفه عن الدعوة والجهاد في سبيل الله، بعد خدمة جليلة للسنة شهد له بها القاصي والداني.
الترجمة لفضيلة الشيخ عمر بن محمد فلاته
الأمين العام للجامعة الإسلامية
كتاب “اتحاف ذوي البصائر بتراجم العلماء الافارقة الاكابر – ابي البراء حمزة حامد القرعاني